قصة الوحدة الوطنية
في إحدى القرى الفلسطينية كانت تقبع تلك العائلة الفلسطينية السعيدة ، التي لا يتجاوز عددها خمسة أفراد ، حيث كان الأب أبو خالد معلم في السلك التعليمي ، وأم خالد تلك المرأة صاحبة العقل والتدبير ربة بيت ، وسعاد الأخت المتزوجة من ابن عمها القابع في سجون الإحتلال، وخالد طالب جامعي في السنة الثانية من دراسته ، وأسامة الطفل الصغير ذات العشرة أعوام .
وفي يوم من أيام العطل أراد خالد إصطحاب أخاه الى السوق بعدما طلب والده منه إحضار بعد الحاجيات الى البيت ، ففرح أسامة وجهز نفسه ، وفي الطريق أصبح أسامة يردد بصوته الطفولي بعض الأناشيد التي تعلمها إلى أن وصلا الى السوق ، واشتريا ما طلب منهم من حاجيات ، وبعد ذلك إصطحب خالد أخاه إلى المكتبة ،وانتقى له بعض القصص البطولية ،فأسامة يحب هذا النوع من القصص لما فيها من آثارة وتضحية .
وأثناء العودة من السوق ،حدث ما لم يتوقع ، فلقد كانت هناك مواجهات ،ولكن المواجهات في هذا اليوم مختلفة عن غيرها ،أتدرون لماذا؟ لأنها اليوم بين فئتين ذات عروق فلسطينية ،فيحاول خالد أن يبتعد عن المواجهات لحماية نفسه وحماية أخاه الذي لم يتوقف عن السؤال البريء عن هذه الأحداث التي تجري وعن مسبباتها ، ولم يكمل أسامة أسئلته بعد فلقد كانت رصاصة الغدر أسرع إليه من إجابات خالد في إختراق صدره الصغير ،فأوقعته أرضاً بلا حراك ، وهنا أصيب خالد بالجمود ، ماذا يفعل وأخاه مصاب بطلقة رصاص ؟ أيذهب به إلى المستشفى ، أما يذهب ويحقق من أين أنطلقت تلك الرصاصة ومن صاحبها ؟ وبينما هو في هذه الحالة من الجمود والتردد جاءت سيارة الإسعاف لنقل المصابين وهو في دهشة مما حصل !!! أيعقل أن يكون المسلم الفلسطيني هكذا........... وتواردت في ذهنه الكثير من الأسئلة التي لم يستطع إيقافها ، ولم يستطع إستاعبها ، فهو في حالة يرثا لها ،فأخاه قابع في غرفة العناية المركزة، وبعد دقائق من دخول أخاه غرفة العناية المركزة يخرج الطبيب وعيناه مملؤه بالأسى والحزن ، فيسرع خالد ويقترب من الطبيب ويسأله عن أخاه بلهفة وشغف ويقول له : أسألك بالله كيف أخي ؟ وكيف حالته ؟ وهنا لا يتمالك الطبيب نفسه فيذرف الدموع ويكتفي بذلك ،فيعرف خالد أنه قد فقد أعز إنسان لديه ، فقد طفل بريء لم يتجاوز عشرة أعوام ، فقد أخاه ........ ، وهنا لا يتمالك جسمه هذا الخبر الصاعق فيسقط مغشياً عليه ، وبعد مدة يستيقظ خالد من غيبوبته على أصوات صراخ وبكاء فلقد تزايد عدد الشهداء ليصبحوا اثنين وعشرين ما بين شهيد وقتيل ، فتذرف الأمهات الدموع ، ويبقى الأنين في قلوب الرجال الذين فقدوا أغلى الأحباب ،ويبقى الحزن في البيوت ، ومن بينهم بيت أبو خالد البيت الذي كان يعج بالفرح والسرور ، وتمر الأيام تسابق الساعات ،والعائلة في حزن على فقد طفلها الصغير ، أما خالد فلقد إتخذ غرفته مقراً له فهو لا يخرج منها الإ لبضع دقائق ، ويعود إلى ذلك الصمت القاتل الذي إتخذه رفيقاً ، وهو يفكر لماذا حدث هذا؟ وكيف ؟ ومن السبب؟ وإثناء تفكيره في الحادثة التي وقعت ،يلمح خالد البوم الصور الذي فقده منذ يومين ،فيذهب ليلتقطه وإذ به ذكرى لأخاه فلم يتمالك نفسه ، نعم فهذه الصورة جديدة تحمل صورة أسامة ، أتدرون مالغريب ؟ أن هذه الصورة كتب عليها بخط طفل صغير لأجلك يا فلسطين ، وكأن أسامة كان يعرف أنه على موعد بالشهادة ،وهنا يتبادر في ذهن خالد كيف طلب أسامة رؤية البوم الصور الذي لا يغيب عن مقلتي ، وكيف منعته من ذلك ....، فيحاول خالد أن يتحاشا دموعه مقلباً البوم الصور صفحة صفحة ، ليعيد إلى نفسه ذكرى فالذكرى قد يكون لها مكانة في عالم الأحزان والضياع ،وفجأة يتوقف خالد عند هذه الصورة ، يا ترى صورة من هذا ؟؟ أنها صورة التقطت لخالد و أحمد وهم في الثانوية ، وفي هذه اللحظة ينتقل خالد الى الذكرى لأيام الثانوية ،