إلى ذكرى الصداقة التي إنقطعت منذ دخول الجامعة ، فخالد وأحمد كانا صديقان لا ينفصلان،توأم روح ملتصقيان ، الإ أن الأحزاب والسياسة وإختلاف الآراء هي التي أحالت بينهم وبين صداقتهم ، فأصبحا بعد الألفة والحنان صديقان تائهان ، فهذا يريد أن يثبت وجوده في الشبيبة الفتحاوية ,وذلك يريد أن يبرز نفسه في المقاومة الحمساوية ، وفي هذا الوقت تتراكم في ذهن خالد صوراً كثيرة ،صوراً مؤلمه لا يستطيع تفسيرها ، فهنا صورة أخاه الذي فقده ، وهناك صورة صديقه الذي هجره ، فيحاول خالد إخفاء وتجاهل تلك الصور التي تشعره بالألم ، فيذهب إلى التلفاز فيشغله ، وإذ بصورة الأقصى أمام عيناه تنادي أين أنتم يا عرب؟ فأنا على أهب الدمار وأنتم ما زلتم نيام , ويصرخ خالد في هذا الوقت بصوت عالٍ وهو يقول وماذا بعد؟؟ فالأقصى على وشك الدمار ونحن فرقة وشتات ،فأنتبهت الأم الى الصوت وأسرعت متجهه نحوه ودخلت الغرفة الى حيث يجلس خالد وأصبحت تقول له بصوت حزين مجهش بالبكاء "ماذا بك يا بني الأيكفي أني فقدت أخاك ، الأ يكفي أن زوج أختك قابع في زنزانة القهر والقمع والهوان ......أرجوك أخرج من هذه الغرفة لا تحبس نفسك في عالم المجهول والخفايا ، إذهب وأنطلق نحو العالم ....... فالأقصى يئن .......وأخذت تبكي ، وهنا ذهب خالد يقبل رأس أمه ويستسمحها عذراً وهو يقول صبراً يا أماه .....صبراً ياأماه ..... فالأقصى لن يداس.... سندافع عنه رغم الأذى وما حل في الناس..... من تشتت وغياب للغاية والأساس........... وفي هذا الوقت تدق الساعة الثانية عشرة ليلاً مشيره إلى إبتداء يوم جديد فتدور في ذهن خالد عدة أسئلة يا ترى ماذا ينتظرنا في هذا اليوم ؟ هل هو كاليوم الذي سبقه ؟ ثم يغط خالد في سبات عميق مكتفياً بهذه الأسئلة دون مجيب، بعدما أنهكه الألم والتعب في هذا اليوم الأليم .
وفي اليوم التالي يستيقظ خالد على صوت المؤذن وهو يردد الآذان ،فيقوم ويتوضأ ، ويذهب إلى المسجد ،فيصلي الفجر، وبعد ذلك يتناول مصحفاً بجانبه ليأخذ بترتيل سورة المؤمنون ، الإ أن توقف عند قوله تعالى وكأنه يسمعه لأول مرة ((وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ 52 فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ 53 فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ 54 )) وهنا يتذكر خالد أوضاع الأمة في هذا العصر ،فيعاود قراءة الآية مرة أخرى، وهو يحمد الله على هذه الآية التي لم يعقلها الكثير ، نعم إنها مفتاح الحل للصراع القائم بين الأحزاب ، أن نكون أمة واحدة كما ذكر الله عز وجل ،فيستكمل خالد قراءة سورة المؤمنون ثم يغادر من المسجد إلى البيت ، وهو يحمل أملاً عظيماً بأن تعود الأمة الى الوحدة في صفوفها ، ويصل خالد الى البيت ويجهز كتبه الجامعية ،ويتناول حقيبته ويذهب الى الجامعه،وأثناء تنقله بين المحاضرات في ذلك اليوم ،يذهب ليبحث عن أحمد لكن دون جدوى، إلى أن ينتهي دوام خالد الجامعي ،فيغادر الجامعه مصحوباً بعلامات الحزن والقلق ،فتستقبله أمه وتجهز له الطعام وهي قلقه على إبنها ، الذي بدت عليه علامات القلق والشرود.
وهنا تبادر أم خالد بسؤال خالد عن أحواله الجامعيه ،وهي تقول له : هل حدث شيء في الجامعه اليوم ؟ فيرد عليها خالد مستغرباً من هذا السؤال ! وهو يقول لها: لا يا أمي لم يحدث شيء في الجامعه ، ولكن لماذا تسألي هذا السؤال ! فتقول أم خالد بلهجة الأم الحنون ، ملامحك يا بني تظهر أن هناك امراً ما تفكر فيه، وهنا لا يستطيع خالد إخفاء قلقه على أحمد وأنه بحث عنه في الجامعه طوال الدوام الجامعي ، ولكن دون جدوى ، فتحاول أم خالد ان تخفف عن خالد هذا القلق وهي تقول له: ان لم تجده في الجامعه اليوم فقد تجده في البيت ، وفي هذه الحظه يتذكر خالد أنه يحمل رقم هاتف أحمد، فيذهب فيبحث عن الرقم حتى يجده ويهاتفه ولكن بدون فائده فيعادود الإتصال مرات عديده ولكن دون مجيب ! ويتزايد قلق خالد على أحمد وهو يقول : يا ترى هل حصل له مكروه؟