وفي اليوم التالي يذهب خالد إلى الجامعه كالمعتاد وهو قلقاً على أحمد، وأثناء تنقله بين القاعات ينظر إلى اللافتات التي علقت على جدران الجامعه .... فيلمح أسماء فيذهب ليقرأها، فإذ بها أسماء المصابين من طلاب الجامعه خلال المواجهات الداميه بين الحزبين وتسقط عيناه على أسم صديقه احمد وهو يردد .... لاحول ولا قوه إلا بالله ، ويتابع خالد ما تبقى له من محاضرات وهو متلهف على الإطمئنان على حالة صديقه أحمد ، إلى أن تنتهي المحاضرات فيغادر خالد الجامعه مسرعاً إلى المستشفى ليطمئن على حالة صديقه أحمد ، فيدخل المستشفى ويستفسر من الممرضات عن صديقه فترشده إحدى الممرضات إلى الغرفه التي يتواجد فيها أحمد .
فيدخل خالد إلى الغرفه مهنئاً بالسلامه ومتمنياً له بالشفاء العاجل ،فيستغرب أحمد الذي علته إبتسامه مشرقه بقدوم خالد ، وكأن احمد يريد أن يقول لخالد يا اهلاً وسهلاً بالصديق الحميم، وفي هذا الوقت يستفسر خالد عن أحمد وعن حالته فيعرف خالد أن أحمد سوف يتعافى خلال أسبوع، فإصابته خفيفه في قدمه اليسرى، ويغادر خالد المستشفى مكتفياً بالسؤال عن أحمد والإطمئنان على حالته .
وفي اليوم الذي يليه ، يذهب خالد إلى المستشفى حاملاً معه باقه من الورود،فيبادره أحمد بالترحيب والسؤال عنه وعن أحواله ودراسته الجامعيه،ولم ينسى أحمد ايضاً بسؤال خالد عن أخاه الصغير الذي طالما رافق خالد في كثير من الأوقات ، فتعتري خالد علامات الحزن ، وكأن احمد بسؤاله هذا عاد ليفتح أبواب الحزن على خالد ،فيلاحظ أحمد علامات الحزن ألتي ظهرت على وجه خالد ،فيحاول معرفة السبب والتخفيف عن صديقه ، وهنا يقول أحمد لخالد : هل من مكروه أصاب أسامه لا سمح الله! فيطرق خالد رأسه أرضاً وهو يقول : لم ترحمه رصاصات الغدر التي انطلقت من بنادق الحزبين التي اخترقت صدره ، وأوقعته شهيداً.
وهنا يحاول أحمد إخفاء ملامح الحزن التي ظهرت عليه ، بعد سماع هذا الخبر وهو يقول : حسبي الله ونعم الوكيل على من أوقد هذه الحرب،فما ذنب هذا الطفل ، وهو بلا ذنب سوى أنه كان في طريق المواجهات.
وفي هذه اللحظة ينتاب الجميع حالة صمت ،وهم يصغون إلى الأخبار الصادرة من ذلك التلفاز ، وكأن هذه الإخبار جاءت لتنبههم وتوقظهم من غفلتهم التي سيطرت عليهم ،فأعمت بصيرتهم ،فأصبحوا يبطشوا في بعضهم البعض وهم غير واعيين بما يجري من حولهم ، وأثناء هذه الحالة من الصمت التي إعتلتهم تنطلق كلمات خاطفه من خالد وهو يردد إلى متى سنبقى هكذا؟ولماذا هذا الإختلاف؟وهنا يدخل أحمد في حديثه مسترسلاُ وهو يقول : هدأ من روعك يا أخي ،فالوضع لن يستمر هكذا ،فإن لم يوقفه كبارنا سنوقفه نحن بأيدينا، وأثناء حديثهم يطرق الباب زائرين من أقارب أحمد مهنئين بالسلامه ،فيستأذن خالد مغادراً بعد إلقاء التحيه عليهم .
ويغادر خالد المستشفى متجهاً نحو البيت وهو يحلم بعودة الأمة إلى وحدتها ، وتكاتف جهودها ، إلى أن يصل الى البيت فيذهب إلى غرفته ،ويستلقي على سريره وهو ما زال يحلم بوحدة الأمة ، وتتدفق في هذا اللحظة من رأسه أفكار كثيره ......... بأن يبدأ في عمله من أجل الوحدة في جامعته أولاً، حتى تتدفق الوحدة الى مجتمعه ، ولكن كيف سينشر الوحدة في الجامعة ؟ فيفكر ملياً حتى يصل الى فكرة كتابة مقالات ومناشير حول الوحدة وأهميتها في صفوف العرب والمسلمين ، وتندرج هذه المقالات والمناشير تحت أسم الوحدة الوطنية ، فيذهب خالداً فوراً لكتابة هذه المناشير ، ويغدو مسرعاً إلى خارج البيت متجهاً نحو المكتبة ليقوم بتصوير هذا المنشور ألى خمسمائة نسخة ،ويعود إلى البيت حاملاً معه تلك النسخ ،فتلحظه أمه ،وتلاحظ الأوراق المتراكمة التي ضمها إلى صدره وكأنها شيء ثمين ، فترادفه قائلة :"ما هذا الذي تحمله بيدك يا خالد؟"، فيقول لها خالد بصوت هادئ وحنون :"إنها أوراق تحمل مقالات عن وحدة الأمة وتكاتفها "، فترافقها إبتسامة وهي تقول لإبنها :"وماذا ستفعل بها يا بني ؟"، فيقول لها بصوت يحمل الإصرار والعزيمة :"سأوقظ بهم الناس من غفلتهم وسباتهم "، وهنا لا تستطيع الأم أن تنطق بشيء وهي ترى إصرار وعزيمة إبنها على وحدة الأمة الإ أن تدعوا له وهي تقول :"وفقك الله يا بني"، وبعد ذلك يستأذن خالد أمه ، وينطلق نحو غرفته وهو يحمل بيداه تلك الأوراق التي إحتمت به وبصدره الحنون ، وهو ينتظر اليوم الجديد بفارغ الصبر ،فيغط في نوم عميق .
وفي اليوم التالي يستيقظ خالد على أصوات تغاريد الطيور ، فلقد تجاوزت الساعة السادسة ،فيذهب و يتوضأ ويصلي صلاة الفجر ،ويجهز كتبه الجامعية مرافقهم بمناشير الوحدة ،ويذهب إلى الجامعة،وينشر المناشير في إنحاء عديدة من الجامعة لتصل إلى الطلاب ،فتصل هذه المناشير إلى أيادي الطلاب وهم في عجب من الذي نشرهم وهم يتنقلون الأسئلة فيما بينهم ....من أي جهة هذه المناشير ومن صاحب فكرة الوحدة الوطنية ؟؟؟ .