Admin Admin
عدد الرسائل : 137 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 08/03/2007
| موضوع: الفشل أول طريق نحو النجاح الجمعة مارس 16, 2007 6:29 pm | |
| الفشل أقصر طريق نحو النجــــــاج
لمن يأخذ الدروس ويصحح المسيرة
الفشل أقصر طريق نحو النجــــــاج
من يستطيع أن ينجح في كل شيء يفعله في حياته, سواء في عمله أم في منزله وفي محيطه الاجتماعي؟! ومن منا لم يخطئ في أداء مهامه أو القيام بواجباته؟! ومن من البشر لا يتعثر مرات في مسيرته الحياتية؟! الإجابة "لا أحد".. كل إنسان يخطئ ويصيب، وكل شخص يفشل مرة بل مرات، ولكن أصحاب الإرادات والقدرات هم الذين يجعلون من الفشل طريقًا إلى النجاح، ويضعون أمام أخطائهم عشرات الخطوط لانطلاقة حياة جديدة.
ولننظر إلى أنموذج واحد، وهناك آلاف النماذج، وهي قصة الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن ولننظر إلى معدلات الفشل في هذه التواريخ:
· فشل في عمله عام 1831.
· فشل في عمله مرة أخرى عام 1834.
· أصيب بصدمة عصبية نتيجة موت زوجته عام 1835، تطورت إلى انهيار عصبي عام 1836.
· فشل في الانتخابات في سنة 1838.
· ثم مرة ثانية في عام 1846.
· ثم ثالثة في عام 1847.
· فشل في انتخابات النواب عام 1855.
· فشل في أن يصبح نائب الرئيس عام 1856.
· فشل مرة أخرى في انتخابات النواب عام 1858.
وبعد كل هذا السجل العامر بالفشل، يصاحبه سجل آخر عامر بالعناء والجهد المتواصل والإصرار على بلوغ هدفه.. بعد كل هذا انتخب إبراهام لينكولن رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية سنة 1860 وهو في الحادية الخمسين من عمره, وهو الذي لخّص تجربته في النجاح والفشل بقوله: "إنك لن تفشل إلا إذا انسحبت".
إن طريق النجاح لا يكون عادة سهلاً ميسورًا، مفروشًا بالورود والرياحين، والذين حققوا إنجازات باهرة في حياتهم، وخلّد التاريخ أسماءهم قد تجرّعوا مرارة الفشل طويلاً قبل أن يحققوا هذه النجاحات، فالنجاح الحقيقي الدائم لا يأتي عادة إلا بعد صراع مرير مع الفشل، وفي ظل ظروف صعبة قد تبعث في قلب الإنسان اليأس والقنوط، وما قصة إبراهام لينكولن إلا حلقة ملقاة في فلاة التاريخ، الذي يثبت لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن ظروف الفشل هي التي تصنع النجاح، وأن النجاح الحقيقي الدائم لا يولد إلا من رحم الفشل، كما يقول كريسي ويتنج مقدم برنامج (سجل النجاح) أشهر برامج الإذاعات الأمريكية: إن الفشل هو السبيل الوحيد للنجاح، والمثل المعروف (وراء كل عظيم امرأة) ينبغي تعديله بحيث يصبح وراء كل عظيم سجل طويل من التجارب الفاشلة صنع له النجاح في النهاية.
أقصر الطرق:
قد يتعجب بعضنا من هذا الكلام، فكيف يكون الفشل طريقًا إلى النجاح؟!
كيف يلتقي هذان الضدان بحيث يكون أحدهما طريقًا إلى الآخر، بل ضرورة لازمة له؟!
والجواب سهل ميسور بحمد الله، ذلك أن النجاح الباهر الدائم يتطلب من الشخص أن تتوافر فيه سمات خاصة، وخبرات متنوعة، لا يمكن أن تتكون في الشخص إلا عبر معاناة الواقع، والاحتكاك الطويل به، وخوض الصراع مع المشكلات والعقبات، ومن ثم يكتسب الإنسان الصفات الإنسانية اللازمة للنجاح الدائم والتي من أهمها الصبر والإرادة والعزم والتصميم، وأما أصحاب النجاح السهل الذي لم يأتِ عبر التعب والمعاناة فإنهم سرعان ما يصابون بالإخفاق والإحباط عند أول عقبة تهدد ما حققوه من نجاح، ومن ثم يتحول نجاحهم إلى فشل أو إخفاق ذريع، وقديمًا قال العرب: "الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك".
وهاهو أديب الإسلام مصطفى صادق الرافعي رحمه الله يشرح لنا ذلك في "وحي القلم", فيقول: "ما أشبه النكبة بالبيضة، تحسب سجنًا لما فيها، وهي تحوطه وتربيه وتعينه على تمامه، وليس عليه إلا الصبر إلى مدة والرضا إلى غاية، ثم تفقس البيضة فيخرج خلق آخر، وما المؤمن في دنياه إلا كالفرخ في بيضته، عمله أن يتكون فيها، وتمامه أن ينبثق شخصه الكامل، فيخرج إلى عالمه الكامل".
بين الماء والزيت:
ويشرح لنا الإمام ابن الجوزي رحمه الله في "صيد الخاطر" تلك الحقيقة الثابتة في حوار طريف متخيل بين الماء والزيت، ذلك أنهما كلما اختلطا في إناء ارتفع الزيت على سطح الماء، فقال الماء للزيت منكرًا: "لم ترتفع عليّ، وقد أنبت شجرتك؟! أين الأدب؟! فقال الزيت: لأني صبرت على ألم الطحن والعصر، في حين تجري أنت في رضراض الأنهار على طلب السلامة، وبالصبر يرتفع القدر".
فليس هناك نجاح يرتفع به الإنسان في الدنيا والآخر، إلا إذا سبقه صبر على ألم عصر المحن وطحن الشدائد والإخفاقات، وأما من يريدون السلامة، فإنهم أبدًا يعيشون في الأسفل مع ذاك الماء.
لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
إشارات القرآن:
يقول الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} [الشرح: 5،6]، فكلمة العسر جاءت معرفة في الآيتين بالألف واللام، بمعنى أنه عسر واحد في كلتا الآيتين، أما كلمة يسر فجاءت نكرة في نفس الآيتين، فهو في الآية الأولى غيره في الآية الثانية، وقد ورد أن عمر بن الخطاب قال: (لن يغلب عسر يسرين).
فلن يغلب عسر الفشل يسر النجاح أبدًا، ولكن ذلك لابد أن يكون مقرونًا بالعمل والصبر والدأب، كما يشير تعالى في الآية التي تليها إلى ذلك بقوله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح:7، 8].
الحياة من قلب الموت:
يقول تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الحديد: 17].
فتأمل أيها القارئ الكريم في مخلوقات الله من حولك، تجد أن الحياة تخرج دائمًا من قلب الموت، فهذه الأرض الجامدة، تراها ميتة، لا حياة فيها، فإذا أنزل الله تعالى عليها الماء اهتزت وربت، وأنبتت من صنوف الحياة والجمال كل زوج بهيج.
وتلك البيضة التي تبدو للعيان جمادًا لا حراك فيه، ما إن تدخل في فترة الحضانة، إلا دبت بداخلها الحياة، فيخرج منها مخلوق جميل، يشع بالحيوية والنشاط.
وهذا الليل البهيم، بكل ما فيه من ظلام حالك، ما إن ينبلج الصباح حتى تخرج الشمس بك لضوئها وحيويتها، لتحيل موات ذلك الليل وظلامه، إلى نهار حي مشرق.
وهكذا ظلمات الفشل ما إن يثابر الإنسان على عبورها، ويصبر على معاناتها حتى تنقلب بإذن الله إلى أنوار للنجاح مشرقة، تملأ حياة صاحبها حيوية وسعادة وبهجة. | |
|